التغذية العلاجية للدواجن

تشير التقارير الى وجود أموال طائلة تنفق سنويا في مجال صناعة الدواجن لشراء الادوية و المستحضرات المختلفة اللازمة لمكافحة الأمراض, و تقدير قيمة ما ينفق عالميا لمكافحة مرض واحد فقط مثل الكوكسيديا   (Coccidiosis) بنحو 800 مليون دولار سنويا, و تتضاعف بالطبع هذه القيمة لتصل الى عدة مليارات من الدولارات مع تعدد الأمراض الشائعة و غير الشائعة التي تصيب الدواجن خلال المراحل المختلفة للنمو و الانتاج و مع ذلك وجد أن استخدام الدواء وحده قد لا يكفى للسيطرة بشكل كامل علي الحالة المريضة قيد العلاج, فتصل نسبة النفوق في حالات كثيرة الى ما يزيد عن 10% و في ذلك خسارة اخرى تضاف الى تكلفة الدواء و تؤثر بالتالي علي عائدات الانتاج من الناحية الاقتصادية.

من هنا اهتمت الدراسات مؤخرا ببرامج التغذية العلاجية (Therapeutic Nutrition ) كوسيلة مساعدة فى تحقيق نتائج أفضل في مجال مكافحة الأمراض, كما أجري العديد من التجارب في هذا المجال و خلصت جميعها الي ضرورة الاستفادة من العناصر الغذائية المتاحة وتطويعها كما ونوعا لتناسب الحالة المرضية السائدة, مما يقلل من الجرعات الدوائية اللازمة ويصل بها الى الحد الاقتصادى المطلوب, ويحد أيضا من التداخلات الدوائية التي تنشأ عن فرط استخدام الدواء بجرعات عالية, هو ما يؤدى بالتالى الي ظهور حالات مرضية اخري غير متوقعة.

وسوف نعرض فيما يلى بعضا من جوانب التغذية العلاجية مؤيدة بالتجارب والدراسات التي أجريت في كل حالة, مع التركيز على عناصر البروتين والدهون والألياف, وأيضا بعض النباتات والأعشاب الطبية التي استخدمت مؤخرا في مجال تغذية الدواجن.

 

البروتينات

يتكون البروتين كيميائيا من أحماض أمينية تعرف بعضها بأنها أحماض أمينية أساسية, وتعرف أخري بأنها أحماض أمينية غير أساسية (جدول –1), و تؤدى جميع الأحماض الأمينية المذكورة دورا هاما بالجسم سواء أكانت اساسية أو غير اساسية وعلى ذلك فان هذا التقسيم لا يعنى التميز بين الأحماض المختلفة من الناحية البيولوجية, وانما كان التقسيم هنا على أساس الأصل الكيميائي لكل حامض, فبعض الأحماض الأمينية غير الأساسية يكون مصدرها حامضا امينيا أخر اساسي, و يمكن انتاجها داخل الجسم اذا ما توافر هذا الحامض الآخر في الغذاء و المثال علي ذلك تكوين حامض السستين من الحامض الأساسي المثيونين, فالأول غير أساسي نظرا لإمكانية انتاجه من الثانى أثناء التفاعلات الحيوية التى تحدث بالجسم , أما الحامض الثانى فهو أساسى المثيونين, فالأول غير أساسي نظرا لإمكانية انتاجه من الثانى أثناء التفاعلات الحيوية التى تحدث بالجسم, أما الحامض الثاني فهو أساسي حيث لا يمكن تكوينه من احماض أخري.

و المعروف أن البروتينات تؤدي دورا حيويا فى تغذية الدواجن, سواء من الناحية الصحية أو من الناحية الانتاجية, شرط ان تتوافر في بروتينات الغذاء كافة الأحماض الأمينية الأساسية و بنسبة أقرب ما تكون الي نسبتها في بروتينات الجسم. و لكي تتحقق هذه الغاية يجب تنويع مصادر بروتين الغذاء لتشمل كل من البروتينات النباتية و الحيوانية معا علي حد سواء. وترجع أهمية تنوع مصادر البروتين الي الأسباب الآتية:-

1– تفتقر معظم البروتينات النباتية الي بعض الأحماض الأمينية الأساسية, و في هذه الحالة يتعذراتمام عمليات البناء الغذائي لتلك الأحماض في الجسم (Anabolism) و تستخدم الأحماض الأمينية الباقية كمصادر للطاقة دون أن تؤدي دورا حيويا يذكر في مجال الصحة أو الانتاج. و مع خلط مصادر البروتين النباتي بأخرى من أصل حيواني يمكن تحقيق توازن افضل في الأحماض الأمينية لتؤدي دورها في الجسم علي النحو المطلوب.

2– وجد أن هناك مشكلات صحية تنجم عن استخدام المصادر النباتية للبروتين مثل فول الصويا, الذي يؤدي استخدامه بكثرة في العليقة الي تعجن الفضلات حول فتحة المجمع ((Vent مما يؤدى الي انسدادها و حدوث مشكلات اخراجية عديدة. و تعرف هذه الحالة ب (pasted Vent) و يقل ظهورها عند خلط فول الصويا مع مصادر اخري للبروتين الحيوانى مثل مسحوق السمك ((Fishmeal.

 

3– تحتوي بعض المصادر البروتينية النباتية علي عوامل غذائية مضادة مثل مثبطات التربسين الموجودة في فول الصويا, و الجوسيبول الموجود في بذور القطن, و الجليكوسيدات الموجودة في بذور الكتان. و تتسبب هذه العوامل في حدوث تلف موضعى في جدران الأمعاء الدقيقة مما يؤثر سلبا علي وظائف الجهاز المناعي الموجود في هذا الجزء من القناة الهضمية, و قد يمتد هذا التأثير في حالات كثيرة ليشمل باقي الأجهزة المناعة الموجودة فى مناطق أخري من الجسم. و علي ذلك فانه عند تغذية الدواجن بشكل مطلق علي المصادر النباتية للبروتين فإنها تكون أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الجرثومية السائدة, ولكن تقل فرصة الإصابة بتلك الأمراض عند استخدام المصادر النباتية للبروتين بكميات محدودة, مع تكلمة الاحتياجات الغذائية من البروتين بكميات محدودة, مع تكملة الاحتياجات الغذائية من البروتين باستخدام مصادر أخرى حيوانية.

 

 

ويحتاج دجاج اللحم (Broilers) الى نسبة من البروتين الخام في العليقة تصل الي 22% وذلك اعتباراً من الأسبوع الأول وحتى نهاية الأسبوع الرابع, و تسمى العليقة في هذه الحالة (Starter) أي العليقة البادئة. ومع بداية الأسبوع الخامس و حتى عمر التسوق في حوالي 6–7 أسابيع يغذي الدجاج على علائق أخرى تسمى (Finisher) أي علائق التسوية النهائية, و فيها تخفيض نسبة البروتين الي حوالي 18%, وتعدل هذه النسب عند تغذية الدجاج البياض ((Layers, و تحسب هنا علي أساس وزن الجسم, و معدل انتاج البيض, و عوامل أخرى غذائية و بيئية.

و مع ضرورة توفير البروتين في العليقة بالنسبة المذكورة الا أنه في حالات مريضة خاصة مثل الكوكسيديا ((Coccidiosis ينصح بخفض نسبة البروتين الي أدنى حد ممكن. لقد وجد أن زيادة نسبة البروتين أو الحفاظ عليها عند المستوى الغذائي المقرر أثناء الاصابة المرضية يؤدى الي زيادة نشاط بعض الانزيمات الموجودة في الأمعاء الدقيقة مثل التربسين, وهو من الانزيمات التي تساعد في تحرر الكوكسيديا من بويضاتها و تصبح بالتالي على درجة أعلى من النشاط يجعلها أقل استجابة لعمليات التحصين ((Vaccination وهناك بالطبع احتياطات أخرى يجب اتخاذها لمكافحة المرض, وهذه سيأتي الحديث عنها بالتفصيل فيما بعد.

الدهون   

تستخدم الدهون في تغذية الدواجن ليس فقط لتوفير الطاقة الغذائية وإنما أيضا لتوفير بعض الفيتامينات الهامة الذائبة في الدهون مثل فيتامينات ,K,E,D,A  التي تقي الطائر من الاصابة بالأمراض المختلفة و تحافظ علي ادائه الانتاجي عند المستوى المطلوب. لذلك فانه من غير الصحيح الاعتقاد بأنه يمكن الاستغناء عن الدهون عند توفير الكربوهيدرات في العليقة, حيث ان الكربوهيدرات وان كانت توفر الطاقة الغذائية للطيور فهي لا توفر لها اي الفيتامينات في العليقة.

وقد وجد ايضاً ان الدهون تساعد في امتصاص بعض العناصر الغذائية الهامة الموجودة في مكونات الغذائية المختلفة. ففي دراسة علي دجاج اللحم (Broilers) وجد انه مع وجود الدهون في العليقة امكن امتصاص 60% من تلك العناصر , بينما انخفضت تلك النسبة الي 20% فقط في حالة خلو العليقة من الدهون او توفير الطاقة الغذائية فيها من مصادر اخري كربوهيدراتية.

و للدهون اهمية خاصة في توفير الاحماض الدهنية الاساسية مثل  حامض لينوليك ) Linoleic Acid) و حامض لينولينك ) Linolenic Acid), وهي احماض لا يمكن تكونيها من مصادر اخري مثل الكربوهيدرات اثناء تحويلها الي دهون داخل الجسم . ففي دراسة علي فئران التجارب وجد انة عند التغذية علي علائق تخلو تماماً من الدهون اصيبت الحيوانات بحالات مرضية متنوعة انتهت بعضها الي النفوق, و لكن عند اضافة الاحماض الدهنية المذكورة لم تظهر اي من تلك الحالات المرضية, مما ادى الي الاستنتاج بأنه لا يمكن توفير  تلك الاحماض من مصادر أخرى غير الدهون.

 

 

الألياف

كان الاعتقاد في الماضي أن المجترات وحدها يمكنها الاستفادة من الألياف أو السيليلوز دون غيرها من الحيوانات الأخرى غير المجترة مثل الدواجن, وذلك على اعتبار وجود نشاط ميكروبي في الجهاز الهضمى للمجترات يساعدها- دون غيرها- في هضم تلك الألياف التي لايمكن هضمها بوسائل أخرى مثل الانزيمات. وقد دفع هذا الاعتقاد الكثير من شركات الأعلاف العالمية الى انتاج خلطات علفية للدواجن تحتوي علي حد أدنى من الألياف يتراوح ما بين 2-3% فقط من مجموع وزن الخلطة. ومع ذلك فقد اثبتت الدراسات أخيراً أنه بالأمكان زيادة نسبة الألياف في علائق الدواجن الى 15% دون أي تأثيرات سلبية على النمو و الانتاج.

لقد وجد أن زيادة نسبة الألياف يساعد بشكل أفضل في زيادة النشاط البكتيرى في الأمعاء الغليظة, مما يمكن بالتالي من زيادة الاستفادة من بقايا الغذاء في هذا الجزء من القناة الهضمية بدلاً من طرح الجزء الأكبر من تلك البقايا في شكل فضلات. كما وجد أن لزيادة الألياف في عليقة الدواجن الي النسبة المذكورة أثره الايجابي في مقاومة ظاهرة الافتراس (Cannibalism) وبخاصة عند التغذية علي علائق تحتوى على نسبة قليلة من البروتين أو بعض العناصر المعدنية مثل الصوديوم0 و يوضح جدول –2 نتائج احدى التجارب التى أجريت في هذا الصدد علي مجموعات من الدواجن غذيت علي مستويات مختلفة من الألياف. و يمكن تفسير تلك النتائج علي اساس أن العلائق التي تحتوي علي نسبة أعلي من الالياف تحتاج الي فترات أطول لتناولها من جانب الطائر لاستيفاء احتياجاته من الطاقة الغذائية, مما يساعد بالتالي في توجيه النشاط الفيزيائي و الأيضي نحو الغذاء و الاستفادة من عناصره المختلفة دون أن تتاح لهذا الطائر الفرصة للتوجه نحو الطيور الأخرى و افتراسها. ورغم وجود مثل تلك العلاقة السلبية بين نسبة الألياف في العليقة و درجت حدوث الافتراس- مثلما يظهر في الجدول- الا انه من الوجهة العلمية لا ينصح بزيادة نسبة الالياف الى حدها الأعلى المقترح هنا ((18%  حيث أن زيادتها الى هذا المستوي قد تؤثر بشكل ملحوظ في استهلاك العليقة وحصول الطائر على النمو و الأداء الانتاجي بوجه عام.

 

لنباتات و الأعشاب الطبية:–

اهتمت الأبحاث العلمية في الآونة الأخيرة باستخدام بعض النباتات الطبية و مستخلصاتها في صناعة الدواجن كبديل عن الأدوية و الكيماويات التي كثيراً ما تتراكم في أنسجة الطائر و تؤثر سلباً علي صحة مستهلك اللحوم و البيض الناتج. ومن هذة النباتات الحبة السوداء أو حبة البركة(Black Cumin) , وهي من النباتات الموسمية التي تنمو في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط . و بالتحليل الكميائي لبذور تلك النباتات وجد أنها تحتوي علي 40–45 % زيوت طيارة, وهذه الزيوت تحتوي بدورة علي 18–24 % من مادة الثيموكينون (Thymoquinone) ذات التأثير المضاد للبكتيريا و الفطريات و الديدان , الي جانب كونها مادة مضادة للاورام السرطانية و غيرها. كما وجد أن مسحوق بذرة الحبة اليسوداء يحتوي علي نسبة من البروتين الخام تصل الي حوالي 29% بمعامل هضم قدره حوالي 75%, وهو بروتين من النوع الجيد الذي يحتوي علي معظم الأحماض الأمينية الأساسية, و تقدر كفاءته بنحو 1.6 في مجال أداء الوظائف الحيوية المختلفة في الطائر, مقارنة بكفاءة بروتينية قدرها 1.2 في القمح و غيره من أنواع الحبوب الأخرى التي تستخدم بشكل موسع في علائق الدواجن.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى